الدعم السكني بضوابط جديدة.. استبعاد من تتجاوز أصولهم 5 ملايين ريال لتحقيق العدالة

أحدثت اللائحة التنفيذية المعدلة لتنظيم الدعم السكني نقلة نوعية في سياسات الإسكان بالمملكة حيث تم الكشف اليوم الجمعة عن ضوابط مالية جديدة تحدد أهلية الحصول على الدعم. وبموجب المادة التاسعة من اللائحة أصبح معيار القدرة المالية هو الأساس في تحديد الاستحقاق مما يضمن توجيه الموارد الحكومية للفئات الأكثر حاجة ويعكس مرحلة متقدمة من الدقة في استهداف المستحقين.
ويضع هذا التوجه المملكة في مصاف الدول المتقدمة التي تتبنى سياسات مشابهة لضمان وصول الدعم لمستحقيه الفعليين. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تستبعد برامج الإسكان الفيدرالية مثل Section 8 الأسر التي تمتلك أصولا عالية وتعتمد في تقييمها على الدخل السنوي والأصول السائلة بحيث لا تمنح المزايا لمن تتجاوز مدخراتهم مستوى معينا. وفي بريطانيا يركز برنامج Help to Buy على المشترين للمرة الأولى ويستبعد الأسر ذات القدرة المالية الكبيرة ويضع سقفا سعريا للعقارات المؤهلة للدعم عند 600 ألف جنيه إسترليني. أما في فرنسا فإن نظام القروض بدون فوائد Prêt à Taux Zéro مصمم للفئات المتوسطة مع فرض شرط ألا تتجاوز أصول الأسرة مستويات محددة تختلف باختلاف عدد الأفراد والمنطقة الجغرافية.
وتفصيلا لهذه الضوابط الجديدة تُصنف الأسرة على أنها قادرة على امتلاك مسكن مناسب إذا بلغت القيمة السوقية لأصولها خمسة ملايين ريال سعودي أو أكثر. هذا الشرط يعمل كآلية لاستبعاد الأسر ذات الملاءة المالية العالية من برامج الدعم ويوجه الموارد بشكل مباشر نحو الشرائح المجتمعية المتوسطة وما دونها والتي هي في أمس الحاجة لهذا النوع من المساندة الحكومية.
ومن أجل تحقيق العدالة ومراعاة الظروف المعيشية استثنى النص التنظيمي بعض الأصول من حساب القدرة المالية. وتشمل هذه الاستثناءات السيارات الشخصية بحد أقصى ثلاث سيارات للأسرة الواحدة بالإضافة إلى الأراضي السكنية التي لا تتجاوز مساحتها الإجمالية ألف متر مربع. ويعود سبب هذه الاستثناءات إلى أن هذه الممتلكات تعتبر من الاحتياجات المعيشية الضرورية وليست أصولا استثمارية تعكس ثروة الأسرة.
ومن المتوقع أن يسهم هذا القرار في تحقيق العدالة الاجتماعية عبر فتح المجال بشكل أوسع أمام الأسر المتوسطة والموظفين ذوي الرواتب المحدودة للاستفادة من برامج الدعم. ويتزامن هذا التوجه مع خفض نسبة الاستقطاع البنكي للقروض العقارية والشخصية إلى 55 بالمئة. وتشير التوقعات إلى أن هذه الإجراءات مجتمعة ستؤدي إلى انخفاض معدلات التعثر في السداد بنحو 15 بالمئة خلال السنوات الثلاث القادمة كما ستعزز القوة الشرائية للأسر وتوجه جزءا من دخلها نحو الاستهلاك والخدمات الأخرى.
إن اعتماد المادة التاسعة يعزز مبدأ الحوكمة المالية في إدارة برامج الدعم السكني ويرسخ نهجا يربط الدعم بالقدرة الفعلية للمستفيد وليس بمجرد الطلب. هذا التوجه يضمن استدامة أكبر للقطاع العقاري ويدعم بشكل مباشر مستهدفات رؤية 2030 الرامية إلى رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن إلى 70 بالمئة بحلول نهاية العقد.