كونسيساو وجيسوس.. صراع برتغالي تاريخي يتجدد فصوله في الملاعب السعودية

تتجه أنظار الأوساط الرياضية السعودية نحو تجدد صراع قديم بين اثنين من أبرز المدربين البرتغاليين حيث بات سيرجيو كونسيساو على وشك تولي القيادة الفنية لنادي اتحاد جدة وهو ما يضعه في مواجهة مباشرة مع مواطنه جورجي جيسوس مدرب نادي النصر الحالي في فصل جديد من التنافس الممتد بينهما.
أكدت تقارير صحفية سعودية متطابقة موافقة كونسيساو المدير الفني السابق لنادي ميلان على تدريب اتحاد جدة خلفا للمدرب الفرنسي لوران بلان الذي أقيل من منصبه يوم الأحد الماضي ويأتي هذا التعيين المرتقب ليفتح صفحة جديدة في سجل المواجهات الطويلة بين المدربين التي بدأت في البرتغال وستستكمل الآن في الملاعب السعودية.
كان جورجي جيسوس نفسه سببا رئيسيا في إقالة لوران بلان وبدء رحلة البحث عن مدرب جديد لنادي الاتحاد فقد أعلن النادي قرار إقالة بلان فجر الأحد الماضي أي بعد حوالي 24 ساعة فقط من الهزيمة التي تعرض لها الفريق على أرضه في ملعب الإنماء أمام النصر الذي يقوده جيسوس بنتيجة هدفين دون رد ضمن منافسات الجولة الرابعة من الدوري السعودي للمحترفين.
على الرغم من أن تلك الهزيمة كانت الأولى التي يتلقاها الاتحاد في الدوري السعودي هذا الموسم والأولى على ملعبه تحت قيادة بلان إلا أنها كانت كافية للإطاحة بالمدرب الفرنسي خاصة أنها جاءت بعد نتائج سابقة غير مرضية أبرزها الخسارة أمام النصر أيضا في بطولة كأس السوبر السعودي.
لم ينجح بلان في تحقيق الفوز على جيسوس خلال مواجهتيهما في السعودية حيث فاز النصر على الاتحاد بنتيجة 2-1 في نصف نهائي كأس السوبر السعودي يوم 19 أغسطس الماضي ومنذ ذلك الحين تعالت الأصوات المنتقدة للمدرب الفرنسي حتى جاءت الخسارة الأخيرة في الدوري لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير وتسببت في إقالته.
تعود بداية العلاقة بين جيسوس وكونسيساو إلى ما قبل 30 عاما تقريبا وتحديدا في عام 1995 عندما كان جيسوس يخوض تجاربه الأولى في عالم التدريب بينما كان كونسيساو لاعبا شابا في بداية مسيرته الكروية وفي موسم 1994-1995 خرج سيرجيو كونسيساو الذي كان يبلغ من العمر 20 عاما معارا من ناديه بورتو إلى فريق ليسا للحصول على فرصة أكبر للمشاركة.
في ذلك الوقت كان جيسوس يدرب نادي فيلجويراس وأبدى إعجابه الشديد بقدرات كونسيساو وطلب التعاقد معه وهو ما تم بالفعل حيث انتقل اللاعب الشاب إلى فيلجويراس على سبيل الإعارة من بورتو مطلع موسم 1995-1996 وخلال ذلك الموسم شارك سيرجيو كونسيساو في 11 مباراة تحت قيادة جورجي جيسوس سجل خلالها هدفا واحدا وصنع آخر قبل أن يرحل جيسوس عن الفريق بنهاية الموسم.
وقد استعاد جيسوس هذه الذكريات في تصريحات صحفية سابقة قائلا إن سيرجيو كونسيساو كان لاعبا صغيرا في ذلك التوقيت وهو كان مدربا لفريق فيلجويراس وأضاف أنه كان ذاهبا لمشاهدة لاعب آخر في فريق ليسا لكنه عندما شاهد المباراة قرر التعاقد مع كونسيساو وزميله ريسينيو لأنهما أظهرا إمكانيات كبيرة مشيرا إلى أن عمر كونسيساو حينها كان 19 أو 20 عاما والآن لديه نظرة مختلفة تماما لكرة القدم.
بعد مرور 16 عاما على عملهما معا في فريق فيلجويراس بدأت العلاقة بين جيسوس وكونسيساو تأخذ شكلا جديدا من المنافسة كمدربين ففي موسم 2011-2012 كان كونسيساو يخوض أولى تجاربه كمدير فني مع فريق أولهانينسي البرتغالي بينما كان جيسوس يقود بنفيكا في موسمه الثالث مع الفريق الذي صنع معه تاريخا كبيرا والتقى المدربان وجها لوجه لأول مرة يوم 23 مارس 2012 في الجولة 24 من الدوري البرتغالي وانتهت تلك المباراة بالتعادل السلبي.
منذ ذلك الحين أصبحت مواجهات المدربين تحمل طابعا خاصا ورغم أن جيسوس فاز في المباريات الأربع التالية ضد كونسيساو مع فريقي أولهانينسي وكويمبرا إلا أن الأخير حقق فوزه الأول في 26 أكتوبر 2014 عندما انتقل لتدريب براجا وأتبع ذلك بفوز آخر بعد شهرين لتزداد سخونة المواجهات بينهما بشكل كبير.
زادت حدة المنافسة بينهما بشكل أكبر في موسم 2017-2018 حين انتقل كونسيساو لتدريب بورتو بينما كان جيسوس يخوض موسمه الثالث والأخير مع سبورتنج لشبونة وفي ذلك الموسم وحده التقى المدربان 5 مرات حقق كونسيساو الفوز مرتين مقابل فوز وحيد لجيسوس بينما انتهت مباراتان بالتعادل ورغم تفوق كونسيساو في الدوري إلا أن جيسوس انتصر عليه في بطولتي كأس البرتغال وكأس الرابطة وتأهل إلى النهائي على حسابه بعد فوزه مرتين في نصف النهائي بركلات الترجيح.
يبقى الموسم الأصعب الذي حول علاقة التنافس الشديدة إلى عداوة هو موسم 2020-2021 عندما عاد جيسوس لتدريب بنفيكا في ولاية ثانية بينما كان كونسيساو يخوض موسمه الرابع مع بورتو وكانت المباراة التي شهدت الحدث الأصعب يوم 15 يناير 2021 في الجولة 14 من الدوري البرتغالي والتي انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1.
بعد المباراة شوهد المدربان وهما يتحدثان بلهجة حادة خارج أرضية الملعب وتطور النقاش بينهما إلى درجة دفعت بعض المسؤولين للتدخل وإبعادهما عن بعضهما البعض وعلق جيسوس على تلك الواقعة في تصريحات لاحقة معتبرا أنها كانت نقطة النهاية في علاقته مع كونسيساو وأنه لم يعد يتحدث معه منذ ذلك الحين بعد أن كانت تجمعهما علاقة صداقة قوية تتجاوز حدود كرة القدم.
ويبدو أن كونسيساو حسم الأمور لصالحه في الموسم التالي 2021-2022 حيث تسبب بشكل مباشر في إقالة جيسوس عندما فاز بورتو على بنفيكا بثلاثة أهداف نظيفة في دور ثمن النهائي من كأس البرتغال وفي آخر 4 مباريات جمعتهما لم ينجح جيسوس في تحقيق أي فوز على كونسيساو حيث فاز بورتو بمباراتين وانتهت مباراتان بالتعادل.
من المتوقع أن تكون المباراة رقم 20 في تاريخ مواجهات المدربين بعد أقل من شهر وتحديدا يوم 28 أكتوبر الجاري عندما يلتقي النصر مع الاتحاد على ملعب الأول بارك في الدور ربع النهائي من بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين وقبل تلك المباراة المرتقبة التقى المدربان 19 مرة كانت الغلبة فيها لجورجي جيسوس الذي فاز في 7 مباريات مقابل 6 انتصارات لكونسيساو بينما انتهت 6 مباريات بالتعادل.