المرأة القصيمية تدخل اليونسكو بالكليجا وتصنع إنجازاً عالمياً في فن الطهي

المرأة القصيمية تدخل اليونسكو بالكليجا وتصنع إنجازاً عالمياً في فن الطهي
المرأة القصيمية تدخل اليونسكو بالكليجا وتصنع إنجازاً عالمياً في فن الطهي

تؤكد أرقام حديثة تفوقا لافتا للمرأة في منطقة القصيم في فنون الطهي حيث سجلت المنطقة أعلى نسبة ممارسة لهذا النشاط على مستوى المملكة. هذا التميز ليس مجرد إحصائية عابرة بل هو انعكاس لإرث ثقافي عميق وتاريخ حافل بالإبداع في المطبخ القصيمي الذي تحول من ممارسة منزلية إلى صناعة إبداعية تساهم في الاقتصاد المحلي وتعزز الحضور السعودي عالميا.

لم يكن الطهي في القصيم يوما مجرد مهنة عابرة أو هواية جانبية بل امتدادا لحكايات الجدات في المجالس الطينية القديمة حيث كانت رائحة الحنيني والجريش تعلن عن كرم الضيافة ودفء اللقاء. وفي هذا الإرث العريق برزت المرأة القصيمية لتصبح رمزا للإتقان محافظة على سر النكهة الأصلية مع إضافة لمستها الخاصة التي تجعل من كل طبق قصيدة تروى.

ويؤكد تقرير رسمي صادر لعام 2024 هذا التفوق بالأرقام حيث أظهر أن نسبة ممارسة النساء لفن الطهي بلغت 23% مقابل 19% للرجال على مستوى المملكة. وتفوقت السعوديات بشكل عام على السعوديين والأجانب من كلا الجنسين لتؤكد الأرقام أن المطبخ يتحول في يد المرأة إلى إبداع متجدد. وعلى وجه الخصوص تربعت منطقة القصيم على عرش فنون الطهي بنسبة بلغت 26% متقدمة على سائر مناطق المملكة وهو تفوق لم يأت من قبيل الصدفة بل هو نتاج موروث ثقافي عميق وبيئة اجتماعية جعلت من الطهي فنا قائما بذاته تماما كما تفوقت المنطقة تاريخيا في الزراعة والتعليم والتجارة.

لقد ارتبطت ذاكرة أهل القصيم بالمائدة التي لم تكن مجرد طعام بل انعكاسا للهوية حيث يجتمع أهل الحي حول قدر يغلي بالحكايات قبل أن يغلي بالمرق. واليوم تقف نساء المنطقة في طليعة هذا المشهد وقد تحول الطهي من ممارسة منزلية إلى صناعة راسخة تدفع بعجلة الاقتصاد وتعزز الحضور السعودي في المحافل العالمية.

عندما تذكر الكليجا فإنك تستحضر القصيم مباشرة فهذه الحلوى الشعبية التي صنعتها الجدات بحب وصلت اليوم إلى قائمة التراث غير المادي في اليونسكو لتصبح رمزا عالميا للهوية السعودية. وهذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا أيادي النساء اللواتي طورن وصفاتها وقدمنها للعالم بأسلوب عصري ينافس أفخر مصانع الحلويات. حتى الأكلات الشعبية الأخرى من الأقط إلى المطازيز أعيد تقديمها بأساليب مبتكرة فالأقط أصبح يشبه قوالب الشوكولاتة الفاخرة والحنيني يقدم في مطاعم راقية على الطريقة العالمية بينما ابتكرت الفتيات أصنافا جديدة تمزج بين التراث والعصرية مثل كليجا البورليه وآيسكريم الحنيني ليؤكدن أن الهوية ليست جامدة بل قادرة على أن تتجدد دون أن تفقد جذورها.

لم يقتصر إسهام المرأة القصيمية على الطهي في البيوت بل تعداه إلى تنشيط الاقتصاد المحلي فمن مشاريع صغيرة ومرورا بمطاعم منزلية إلى معارض موسمية باتت المنصات الاقتصادية تحمل بصمة نساء القصيم. لقد أدركن أن الطهي ليس مجرد طعام يقدم بل صناعة تخلق فرصا وتعزز حضور المملكة في خريطة السياحة الثقافية والذوقية عالميا. وفي زمن رؤية 2030 باتت هذه المشاريع تتناغم مع الطموحات الوطنية فتسهم في تمكين المرأة وتضيف بعدا جديدا للصناعات الإبداعية السعودية حيث يتقاطع التراث مع الحداثة ويقدم الموروث بملامح جديدة تليق بالعصر.

منذ عقود طويلة اعتاد أهل القصيم أن يقولوا إن الطهي ليس مجرد وصفة تحفظ بل روح تنتقل من جيل إلى جيل ولهذا لم يكن مستغربا أن تتصدر المنطقة قائمة الأكثر ممارسة للطهي. فالمطبخ القصيمي ليس مكانا لإعداد الطعام فحسب بل فضاء تصاغ فيه الذكريات وتحفظ فيه الهوية وتروى فيه القصص. وحينما تمسك المرأة القصيمية بيدها ملعقة الطهي فإنها لا تكتفي بخلط المكونات بل تعجن معها الذاكرة وتبني المستقبل ومن هذا المطبخ خرجت قصص نجاح ألهمت نساء المملكة كافة بأن الطهي يمكن أن يكون مشروعا للحياة ومصدر فخر ورمزا للهوية.

وتعبر آمنة الخليفة عن فخرها واعتزازها بهذا التميز مشيرة إلى أن ما ورد في تقرير هيئة الإحصاء يؤكد تميز بنات القصيم في فنون الطهي وحصولهن على المرتبة الأولى على مستوى المملكة. وأوضحت أنها كواحدة من الطاهيات تحمل بين يديها شغف المطبخ محاولة إضافة لمساتها الخاصة على فنون الطهي في القصيم معبرة عن فخرها بكونها جزءا من هذا التميز الذي يعكس ذوقا وإبداعا وأصالة متوارثة. وتضيف الخليفة أن زميلاتها الطاهيات يشتركن معها في هذا العطاء والإبداع فكل واحدة منهن تضيف لمسة مختلفة لتشكل لوحة مبهرة من فنون الطهي السعودية متعهدة بمواصلة النجاح والتطور لتصل هي وطاهيات القصيم إلى العالمية وينقلن تراث المملكة ونكهاتها الأصيلة إلى كل مكان.

من جانبها أشادت لجين الحميدان بهذا الإنجاز الذي يعكس عمق الموروث الثقافي والمهارات المتجذرة في المجتمع القصيمي ويمثل مصدر فخر وإلهام للمرأة السعودية في مختلف المناطق. وأضافت الحميدان أن إسهام المرأة القصيمية في فنون الطهي لم يقتصر على الجانب المنزلي بل أسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال المشاريع الصغيرة والمطاعم المنزلية مشيرة إلى أن فنون الطهي ساعدت على تعزيز الهوية الوطنية ورفع اسم المملكة في محافل الطهي الإقليمية والعالمية.

الأمر نفسه أشارت إليه أفنان العبيد التي قالت إن فنون الطهي في القصيم تراث يتجدد مؤكدة أن فن الطهي يشكل جزءا أصيلا من الهوية الثقافية التي ورثناها من أمهاتنا وجداتنا حيث تعلمنا منهن أسرار المذاق وجودة الطهي. وقالت إن نساء القصيم حافظن على هذه الأصالة وأضفن عليها لمسات إبداعية جعلت المطبخ المحلي أيقونة عالمية حيث أعيد تقديم الأكلات الشعبية بأسلوب فاخر. وأضافت أفنان العبيد أن الكليجا وصلت إلى قائمة اليونسكو كإرث غير مادي ونافست مصانع الحلويات العالمية بفضل بنات القصيم المبدعات.

بدورها قالت مضاوى السليمي إن إبداع نساء القصيم في فنون الطهي جعل إحدى مدن المنطقة تحجز مقعدا لها ضمن شبكة اليونسكو للمدن المبدعة في مجال فن الطهي. وأوضحت السليمي أن تميز أطباق القصيم ونساء المنطقة في فنون الطهي دفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو إلى إدراج مدينة بريدة ضمن المدن المبدعة مما سينعكس على المملكة إيجابيا في ملف السياحة الثقافية بزيادة عدد الوافدين إلى المنطقة. وطالبت بالاستفادة من تلك المؤشرات والترويج لأطباق القصيم في مهرجانات الطهي العالمية مما سينعش السياحة في المملكة الأمر الذي يتسق مع رؤية 2030 في تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط.

فيما طالبت مزنة الفهيد بدعم تجارب مهرجانات الطعام في مختلف مناطق المملكة لأهداف عدة أبرزها إبراز الأطباق التقليدية التي تمثل جزءا أساسيا من التراث السعودي وتوفير منصة مهمة لتبادل الخبرات والتفاعل بين المهتمين بفنون الطهي في المملكة وحول العالم وتقديم تجربة طعام محلية بطابع عالمي. وأكدت ضرورة تشجيع الحرفيين والأسر المنتجة في المنطقة المنتجين لهذا الموروث من خلال تسليط الضوء على منتجاتهم المتنوعة عبر مناطق عديدة تشمل عروض الطهي الحي وأجنحة الضيافة وعروض المخابز وعربات الأطعمة المتنقلة وغيرها من الفعاليات التي تتخللها العديد من العروض الثقافية والترفيهية الحية التي تعكس تجربة ثرية وممتعة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *