ميزانية 2026: إنفاق تاريخي يتجاوز 1.3 تريليون ريال وعجز متوقع بـ 165 ملياراً

كشفت وزارة المالية اليوم الثلاثاء عن البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2026 حيث أظهرت التقديرات الأولية استمرار النهج الحكومي في الإنفاق التوسعي لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 وتنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد. ومن المتوقع أن يصل إجمالي النفقات إلى نحو 1,313 مليار ريال مقابل إيرادات تقدر بحوالي 1,147 مليار ريال بعجز متوقع يبلغ 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
تأتي هذه الأرقام لتعكس السياسات المالية المعاكسة للدورة الاقتصادية التي تتبناها الحكومة بهدف دعم الأولويات الوطنية ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي الملموس. وتشير التقديرات الأولية لعام 2026 إلى نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة تقارب 4.6% وهذا النمو مدعوم بشكل أساسي بالتطور المستمر في الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية.
من جانبه أكد وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان أن ميزانية عام 2026 تستهدف في جوهرها ترسيخ قوة المركز المالي للمملكة وضمان استدامة المالية العامة بالتوازي مع دعم النمو الاقتصادي المستدام. وأشار إلى أن الحكومة ملتزمة بالمحافظة على أولويات الإنفاق التنموي والاجتماعي مع المضي قدما في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزز الكفاءة والاستدامة المالية والاقتصادية.
منذ انطلاق رؤية السعودية 2030 شهد اقتصاد المملكة إصلاحات هيكلية واسعة أسهمت بشكل فعال في تحسين بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتظهر التوقعات الخاصة بعام 2025 نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.4% مدفوعا بنمو متوقع للأنشطة غير النفطية يبلغ 5.0% بنهاية العام ويعزى ذلك إلى استمرار تنامي الطلب المحلي وتحسن مستويات التوظيف التي أدت إلى خفض معدل البطالة بين السعوديين لمستويات قياسية عند 6.8% في الربع الثاني من عام 2025.
على المدى المتوسط من المتوقع أن يؤدي الأداء الإيجابي للأنشطة غير النفطية واستمرار تطبيق المبادرات الداعمة إلى تطورات إيجابية في الإيرادات حيث يتوقع أن يبلغ إجماليها نحو 1,294 مليار ريال في عام 2028. وفي المقابل يتوقع أن يصل إجمالي النفقات إلى ما يقارب 1,419 مليار ريال في عام 2028 حيث إن تسريع وتيرة تنفيذ البرامج والمشاريع الكبرى خلال المدة الماضية أدى إلى تحقيق مكاسب ملموسة ووفر مرونة مالية مكنت الحكومة من تعزيز قدرتها على الاستجابة للتطورات.
أوضح الجدعان أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ما تزال عند مستويات منخفضة نسبيا مقارنة بالعديد من الاقتصادات الأخرى وهي في حدود آمنة ومدعومة باحتياطيات مالية معتبرة. هذا الوضع يمنح سياسات المملكة المالية القدرة على الموازنة بين متطلبات النمو والاستدامة والمرونة اللازمة للتدخل استجابة للصدمات أو في حالة الأزمات والاحتياجات الطارئة.
في ظل استمرار حالة عدم اليقين العالمية خلال عام 2026 والمدى المتوسط نتيجة احتمالية استمرار التوترات الجيوسياسية وتشديد السياسات الوقائية فإن المملكة بصفتها جزءا من الاقتصاد العالمي تستمر في رصد وتحليل تلك المخاطر. وأضاف الجدعان أن هذا الرصد يعد عنصرا أساسيا في تعزيز كفاءة التخطيط المالي كما تعمل الحكومة على توجيه السياسات بشكل استباقي لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية المحتملة والحد من آثارها السلبية.
لتمويل العجز المتوقع تعتزم الحكومة الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية عبر القنوات العامة والخاصة من خلال إصدار السندات والصكوك والقروض بتكلفة عادلة. بالإضافة إلى ذلك تسعى الحكومة للتوسع في عمليات التمويل الحكومي البديل عن طريق تمويل المشاريع والبنى التحتية عبر وكالات ائتمان الصادرات خلال عام 2026 والمدى المتوسط.
أكد الوزير أن الحكومة ماضية في دعم النمو الاقتصادي عبر الاستمرار في المشاريع التنموية وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية ويشمل ذلك الإنفاق الموجه لدعم الأولويات ذات العوائد الاقتصادية والاجتماعية وتحفيز القطاع الخاص ليكون شريكا فاعلا في التنمية مع المحافظة على كفاءة الإنفاق على المديين المتوسط والطويل بما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية ومحددات الاستدامة المالية.
يذكر أن هذا البيان التمهيدي الذي يصدر للعام الثامن على التوالي يأتي ضمن جهود حكومة المملكة المستمرة لإضفاء المزيد من الشفافية على أداء المالية العامة وتعزيز الإفصاح المالي ويعكس جهودها في استكمال تطبيق الإصلاحات التي أسهمت في تعزيز مركزها المالي في ظل التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.