كلوب لاتحاد جدة.. لماذا قد تكون مهمته مع العميد شبه مستحيلة

تتجه أنظار إدارة نادي الاتحاد بطل الدوري السعودي نحو المدرب الألماني يورغن كلوب ليصبح الخيار الأبرز لتولي القيادة الفنية للفريق خلفا للفرنسي لوران بلان الذي انتهت مسيرته مع النادي بعد سلسلة من النتائج المخيبة للآمال. وتضع الإدارة الاتحادية المدرب السابق لنادي ليفربول على رأس قائمة اهتماماتها لإعادة تشكيل هوية الفريق والمنافسة بقوة على جميع الأصعدة المحلية والقارية.

وفقا لمصادر صحفية موثوقة يأتي كلوب كأولوية قصوى لمسؤولي الاتحاد رغم وجود أسماء أخرى مرشحة على الطاولة حيث تسعى الإدارة جاهدة لإقناع المدرب الألماني بخوض تجربة جديدة في الملاعب السعودية. وقد يكون وجود أسماء تدريبية عالمية في دوري روشن مثل جورجي جيسوس وكريستوف غالتييه بالإضافة إلى مواطنه ماتياس يايسله عاملا مشجعا لكلوب لإنهاء فترة ابتعاده عن العمل التدريبي اليومي والعودة مجددا إلى حماس الملاعب وصخب جماهير العميد المعروفة بشغفها الكبير.

جاء قرار الاستغناء عن خدمات لوران بلان نتيجة حتمية لتدهور أداء ونتائج الفريق حيث كانت الخسارة أمام النصر بهدفين دون رد في الجولة الرابعة من دوري روشن للمحترفين بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. هذه الهزيمة لم تكن معزولة بل تبعت خسارة قارية أخرى أمام الوحدة الإماراتي وزادت من حالة عدم الرضا التي كانت موجودة بالفعل منذ فترة الإعداد للموسم والتي شهدت هزائم متتالية أبرزها الخسارة برباعية نظيفة أمام فنربخشة التركي. لقد أدركت إدارة الاتحاد أن بلان لم يعد لديه ما يقدمه وأن التغيير المبكر ضروري للحفاظ على حظوظ الفريق في المنافسة على الألقاب.

يشتهر يورغن كلوب بكونه أحد أبرز المدربين في كرة القدم الحديثة ويعود الفضل في ذلك إلى فلسفته التكتيكية المعروفة بالضغط العكسي. يقوم هذا الأسلوب على مبدأ استرجاع الكرة فور فقدانها في مناطق الخصم والتحول السريع من الحالة الدفاعية إلى الهجومية وهو ما يجعل فرقه مرهقة للغاية للمنافسين ولا تمنحهم أي فرصة للتنفس أو بناء اللعب بأريحية.

أثبت كلوب خلال مسيرته الناجحة مع بوروسيا دورتموند ثم ليفربول أن فلسفته ليست مجرد أفكار نظرية بل هي أسلوب فعال قادر على تحقيق البطولات الكبرى. وفي ليفربول تحديدا طور أسلوب الضغط العكسي ليصبح أكثر توازنا حيث دمج بين الشراسة البدنية والانضباط الدفاعي مع الاعتماد على سرعة الأجنحة والتحولات الخاطفة مما قاده لتحقيق إنجازات تاريخية مثل الفوز بدوري أبطال أوروبا عام 2019 والدوري الإنجليزي الممتاز عام 2020.

إلى جانب عبقريته التكتيكية يتميز كلوب بشخصية قيادية فريدة وقدرة استثنائية على بث الحماس وروح الفريق الواحد في غرفة الملابس. وهو معروف بعلاقته القوية مع لاعبيه ومنحهم الثقة الكاملة مما ساهم في صناعة وتطوير نجوم عالميين تحت قيادته. هذه القدرة على التأثير النفسي تجعل فرقه تقاتل حتى الدقائق الأخيرة وتلعب بروح لا مثيل لها.

في حال نجاح المفاوضات فإن قدوم كلوب إلى اتحاد جدة لن يكون مجرد تعاقد تدريبي بل حدث كروي ضخم من شأنه أن يعيد رسم هوية العميد بالكامل. يمتلك الفريق حاليا أسماء هجومية بارزة ولكن تطبيق الضغط العالي يتطلب مجهودا بدنيا هائلا وانضباطا تكتيكيا من جميع اللاعبين. إذا تمكن كلوب من غرس ثقافته وأسلوبه فقد يتحول الاتحاد إلى نموذج لكرة القدم الحديثة في المنطقة بأسرها.

عانى الاتحاد تحت قيادة بلان من مشكلات فنية واضحة بدأت من الخط الخلفي الذي افتقر إلى التنظيم والانسجام سواء في التمركز أو في التعامل مع الكرات العرضية مما تسبب في استقبال الفريق لأهداف سهلة ومتكررة حتى أمام خصوم أقل قوة. كما أن غياب لاعب وسط قادر على الربط بين الدفاع والهجوم أضعف من قدرة الفريق على الاستحواذ وصناعة الفرص وجعل بناء اللعب بطيئا ومقتصرا على الكرات الطويلة أو الاعتماد المفرط على الأطراف.

على الرغم من امتلاك الفريق نجوما بحجم كريم بنزيما ونغولو كانتي إلا أن الأداء الجماعي كان غائبا في كثير من الأحيان حيث كان الفريق ينتظر حلولا فردية من نجومه وهو ما كشف عن عجز المنظومة الهجومية عن العمل كوحدة متماسكة. أسلوب بلان المعتمد على الاستحواذ والسيطرة اصطدم بحقيقة عدم جاهزية بعض العناصر بدنيا بشكل كامل مما أدى إلى تراجع الفريق في الأشواط الثانية من المباريات وفقدانه لنقاط حاسمة.

يمكن القول إن تجربة بلان فشلت نتيجة تراكم المشكلات الدفاعية والبدنية وضعف المنظومة التكتيكية وافتقاد الفريق لهوية فنية واضحة حيث كان الفريق متوقعا في أسلوب لعبه ويفتقر للمرونة والحلول البديلة عند مواجهة دفاعات منظمة وهو ما جعل رحيله قرارا لا مفر منه.